ما الفرق بين الترجمة والتعريب؟ ما هو التعريف الدقيق للتعريب؟ وكيف يمكن إدخال الكلمات الأجنبية إلى اللغة العربية؟
لا شك أن الترجمة والتعريب يلعبان دورًا هامًا في نقل الثقافة بين الحضارات المختلفة. وبالرغم من تشابه المصطلحين في بعض الجوانب، إلا أنهما يختلفان في الخطوات والأهداف. وهو ما نستعرضه بالتفصيل في السطور القادمة.
تعريف الترجمة
هي عملية تحويل النصوص من لغة مصدر إلى لغة هدف مع الحفاظ على المعنى الأصلي. يشمل هذا التعريف أشكال مختلفة من الترجمة مثل: الترجمة الشفوية، والترجمة التحريرية. كما يغطي مجالات معرفية متعددة مثل: الطب، والأدب، وغيرها.
ظهرت الترجمة منذ أقدم العصور كاستجابة طبيعية للتمدد البشري، والحاجة إلى نقل الثقافة بين الحضارات المختلفة. ومع دخول العصر الحديث، شهدت تقنياتها العديد من التطورات، وأصبحت علمًا قائمًا بذاته.
تعريف التعريب
يقصد به إدخال كلمات أجنبية إلى اللغة العربية بهدف مواكبة المستجدات في المجالات والتخصصات المختلفة، على أن يتم ذلك بشكل يتوافق مع خصائص اللغة العربية، ولا يتعارض مع بنيتها الأساسية.
تظهر عمليات التعريب بشكل واضح في التخصصات العلمية. وفي الغالب، تنقسم الكلمات المعربة إلى نوعين:
- الأول: هو الكلمات الأجنبية التي تعرضت لتغيير مثل كلمة تليفون.
- الثاني: هو الكلمات التي تم نقلها إلى العربية دون تعديل مثل كلمة أوكسجين.
الفرق بين الترجمة والتعريب
يمكن توضيح الفرق بين الترجمة والتعريب في النقاط التالية:
الترجمة |
التعريب |
تهدف الترجمة إلى تحويل المحتوى من لغة إلى أخرى |
يهتم التعريب بجعل المحتوى ملائمًا للجمهور العربي. |
تتضمن الترجمة نقل المعاني الأصلية من لغة مصدر إلى لغة هدف. |
تعتمد عمليات التعريب على تعديل المحتوى ليصبح ملائمًا للثقافة العربية. |
تتمثل تحديات الترجمة في الحفاظ على النمط الأصلي للنصوص المستهدف. |
تواجه عمليات التعريب تحديات أخرى تتعلق بفهم الثقافة العربية وكيفية إيجاد المصطلحات الملائمة. |
تغطي عمليات الترجمة مجالات معرفية مختلفة. |
يركز التعريب على التخصصات العلمية والتقنية. |
تاريخ التعريب
تعود بدايات التعريب إلى العصر الجاهلي، لكنه اكتسب الأهمية الحقيقية مع ظهور الإسلام في شبه الجزيرة العربية، وما تبعه من قيام المسلمين بنشر دعوتهم والاحتكاك بالحضارات والثقافات المختلفة.
شهد عهد الخلفاء الراشدين بعض الاهتمام بعمليات التعريب. ومع تولي الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان مقاليد السلطة، أمر بتحويل دواوين الدولة إلى اللغة العربية، لتبدأ نهضة شاملة لعب التعريب فيها دورًا هامًا.
بلغت هذه النهضة ذروتها في العصر الإسلامي الذهبي خلال القرن الثامن والتاسع الميلادي، حيث أنشأت الخلافة العباسية بيت الحكمة في بغداد، وشجعت حركات الترجمة والتعريب التي ساهمت في ازدهار العلوم والفنون.
ومع بداية القرن التاسع عشر الميلادي، بدأت حركة تعريب العلوم الحديثة التي قادها العديد من المترجمين المحترفين مثل رفاعة الطهطاوي، وانتشرت مؤسسات الترجمة في مختلف أنحاء العالم العربي.
وفي العصر المعاصر، تطورت حركات التعريب بشكل كبير، واستفادت من التكنولوجيا المتقدمة. كما نشطت عمليات تعريب البرمجيات التي أتاحت للمستخدمين العرب الوصول إلى التطبيقات الإلكترونية الحديثة.
أهمية عمليات التعريب
هناك العديد من الجوانب التي تبرز فيها أهمية عمليات التعريب، من بينها:
- تعزيز معجم اللغة العربية، ومساعدة المتحدثين بها على التعبير عن أفكارهم دون عناء.
- مساعدة الناطقين بالعربية على مواكبة العصر، واستخدام المصطلحات المرتبطة بالتطورات العلمية والثقافية.
- الحفاظ على الهوية والثقافة العربية من الاندثار عبر إضافة المزيد من المصطلحات والمفردات الجديدة.
- تسهيل عمليات البحث العلمي أمام الباحثين الناطقين باللغة العربية.
- تعزيز عمليات التعلم، وتسهيل الوصول إلى المعرفة بين المتحدثين باللغة العربية.
- تعزيز التبادل الثقافي بين الناطقين باللغات المختلفة.
مهارات التعريب الأساسية
يظهر الفرق بين الترجمة والتعريب في مجموعة من المهارات الأساسية التي تميز القائمين على عمليات التعريب مثل:
- إتقان اللغة الأجنبية المستهدفة.
- المعرفة العميقة بقواعد اللغة العربية.
- الإلمام بالأنظمة الصوتية في اللغتين المصدر والهدف.
- القدرة على تعديل الأصوات الأجنبية حتى تناسب المخارج الصوتية العربية.
- القدرة على تعديل الكلمات الأجنبية لتناسب السياق الثقافي العربي.
- القدرة على استخدام المعاجم والمراجع اللغوية المتخصصة.
- امتلاك مهارات استخدام أدوات التعريب الحديثة.
- القدرة على استخدام الحروف العربية التي تناسب الأصوات الأجنبية.
- التعلم المستمر، ومتابعة أحدث التطورات في مجال التعريب.
ضوابط عملية التعريب
تخضع عمليات التعريب المختلفة إلى مجموعة من الضوابط والشروط، لتي يتمثل أبرزها في:
- عدم اللجوء إلى التعريب إلا في حالات الضرورة.
- تغيير وزن الكلمة حتى تتناسب مع الأوزان الصرفية في اللغة العربية.
- تحويل الأصوات الموجودة في الكلمة إلى أقرب مخرج صوتي في اللغة العربية.
- إذا كان اللفظ الأعجمي يناسب اللغة العربية، فيمكن تركه على حاله دون تغيير.
- تكييف الكلمة الأجنبية حتى تتوافق مع الثقافة العربية.
- توثيق الكلمات المعربة في القواميس والمعاجم العربية.
- المراجعة الدورية للكلمات المعربة، وتحديثها لضمان مواكبة التطورات اللغوية.
- الاستماع إلى ردود فعل المتحدثين باللغة العربية حول الكلمات الجديدة.
- تشجيع المؤسسات المختلفة على استخدام الكلمات المعربة لزيادة انتشارها.
الفرق بين التعريب والاقتراض
بعد التعرف على الفرق بين الترجمة والتعريب، نستعرض الفرق بين التعريب والاقتراض.
الاقتراض |
التعريب |
يقصد بالاقتراض عملية استعارة لفظ من إحدى اللغات الأجنبية، واستخدامه في اللغة العربية دون تغيير في بنيته أو تعديل في نغمته الصوتية مثل كلمة تليفزيون المستعارة من الكلمة الإنجليزية television. |
أما التعريب فهو تعديل الألفاظ الأجنبية لتناسب خصائص اللغة العربية، أي أن القائم على هذه العملية يقوم بتغيير وزن الكلمة ونغمتها الصوتية حتى تتوافق مع الأوزان الصرفية المستهدفة. |
أمثلة على الكلمات المعربة
تمتلئ حياتنا اليومية بالعديد من الكلمات الأجنبية التي تم تعريبها مثل:
- تلفاز: تعود إلى الكلمة الإنجليزية television.
- بالطو: يعود أصلها إلى اللغة الإيطالية، ويقصد بها المعطف الطويل.
- أستاذ: هي كلمة تعود إلى اللغة الفارسية، ويقصد بها معلم.
- بترول: يعود أصلها إلى الكلمة الإنجليزية petroleum.
- دفتر: هي كلمة فارسية الأصل، ويقصد بها الكراسة.
- مهرجان: تشير هذه الكلمة إلى أحد أعياد الفرس القديمة، وتستخدم في الوقت الحالي بمعنى احتفال.
- سيراميك: تعود إلى الكلمة اليونانية keramikos.
- أريكة: يرجع أصلها إلى اللغة اليونانية، ويقصد بها الوسادة أو الفراش.
- قمامة: يعود أصلها إلى الكلمة الفارسية “كمام”
- مشوار: يقصد بها الجولة القصيرة، ويعود أصلها إلى اللغة التركية.
- برواز: هي كلمة تركية، يقصد بها الإطار الذي يوضع فيه اللوحة.
- فندق: هي كلمة يونانية الأصل.
- فستان: يعود أصلها إلى اللغة التركية، وتشير إلى نوع معروف من ملابس النساء.
- كفتة: يعود أصلها إلى اللغة الفارسية، وتشير إلى كرات اللحم المفرومة.
- فيروس: هو مصطلح علمي يعود أصله إلى اللغة الإنجليزية، ويشير إلى المرض أو العدوى.
بهذا نكون استعرضنا في السطور السابقة الفرق بين الترجمة والتعريب. ويبقى أن نؤكد على أن معرفة مثل هذه الاختلافات يساعد على تحديد العملية المناسبة لكل مشروع لغوي؛ مما يضمن تحقيق نتائج دقيقة وعالية الجودة.
اضف تعليق